ودخل مونس المظفّر بغداد من الأنبار ودخل بعد نصر وذلك يوم الخميس لثلاث خلون من المحرّم وكان الجند قد شغبوا بالأنبار لطلب الزيادة في أرزاقهم فأقاموا ببغداد على مطالبتهم، فزيد كلّ واحد منهم دينارا وأنفق فيهم على الزيادة. ووقع الفناء في الناس حتى كان الجماعة يدفنون في القبر الواحد، من غير غسل ولا صلاة، وبيع العقار والأثاث بأرخص الأسعار، حتى كان يشترى بالدرهم ما يساوي الدينار في غير تلك الأيام، ورأت امرأة رسول الله ﷺ في منامها وهو يأمرها بخروج الناس إلى الصحراء لصلاة الاستسقاء، فأمر الخليفة بامتثال ذلك فصلى الناس واستسقوا فجاءت الأمطار فزادت الفرات شيئا لم ير مثله، وغرقت العباسية، ودخل الماء الشوارع ببغداد، فسقطت القنطرة العتيقة والجديدة، وقطعت الأكراد الطريق على قافلة من خراسان، فأخذوا منهم ما قيمته ثلاثة آلاف دينار، وكان أكثر ذلك من أموال بجكم التركي. وبلغ أبا طاهر ذلك فاحتال حتى انفرد عن رجاله ومشى مشيا طويلا حتى خرج عن الأنبار إلى الصحراء التي تتّصل بالفرات، ثم عبر في زورق صيّاد يقال: إنّه دفع إليه ألف دينار حتى عبر به إلى سواده. » فدخل إلى والدته ثم عاد فأخبر أنّ السيّدة استرأته وأمرت بإخراج خمسمائة ألف دينار من مالها إلى بيت مال العامّة لينفق في الرجال. « أنا صاحب أبي طاهر وما صحبته إلّا على انّه على حقّ وأنت وصاحبك ومن يتبعكم كفّار مبطلون ولا بدّ لله في أرضه من حجّة وإمام عدل وإمامنا المهديّ فلان بن فلان بن إسماعيل بن جعفر الصادق وليس نحن مثل الرافضة الحمقى الذين يدعون إلى غائب منتظر.
وورد الخبر بدخول أبي طاهر القرمطي الدالية من طريق الفرات فلم يجد فيها شيئا وقتل من أهلها جماعة ثم سار إلى الرحبة فدخلها بعد أن حارب أهلها ووضع السيف فيهم بعد أن ملكهم وندب مونس المظفّر للخروج إليهم بالرقّة، وكان أهل قرقيسيا وجّهوا إلى القرمطي يطلبون الأمان منهم ووعدهم بجميل. وسار مونس المظفّر إلى الموصل ومنها إلى الرقّة فانصرف أبو طاهر عن الرقّة على طريق الفرات ووصل إلى الرحبة فحمل ما معه من الزاد وغيره في زواريق وانحدر في الماء وعلى الظهر ليعاود هيتا. ووافى أبو طاهر إلى شاطئ سورا وقت المغرب، فلم يكن في نصر نهوض للركوب لشدّة علّته، فاستخلف أحمد بن كيغلغ وأنفذ معه الجيش فانصرف القرمطي قبل أن يلقاه أحمد بن كيغلغ. وكان أهلها قد نصبوا على سورها عرّادات ومنجنيقات، فحاربوه وقتلوا من أصحابه، فانصرف عنها إلى ناحية الكوفة، وورد الخبر بذلك فأخرج بنيّ بن نفيس وهارون بن غريب على مقدّمة نصر. وهي من مراتب الدّولة وخططها في ملك المغرب وإفريقية ومرءوسة لصاحب السّيف وتحت حكمه في كثير من الأحوال ويسمّى صاحبها في عرفهم البلمند بتفخيم اللّام منقولا من لغة الإفرنجة فإنّه اسمها في اصطلاح لغتهم وإنّما اختصّت هذه المرتبة بملك إفريقية والمغرب لأنّهما جميعا على ضفّة البحر الرّوميّ من جهة الجنوب وعلى عدوته الجنوبيّة بلاد البربر كلّهممن سبتة إلى الشّام وعلى عدوته الشّماليّة بلاد الأندلس والإفرنجة والصّقالبة والرّوم إلى بلاد الشّام أيضا ويسمّى البحر الرّوميّ والبحر الشّاميّ نسبة إلى أهل عدوته والسّاكنون بسيف هذا البحر وسواحله من عدوتيه يعانون من أحواله ما لا تعانيه أمّة من أمم البحار فقد كانت الرّوم والإفرنجة والقوط بالعدوة الشّماليّة من هذا البحر الرّوميّ وكانت أكثر حروبهم ومتاجرهم في السّفن فكانوا مهرة في ركوبه والحرب في أساطيله ولمّا أسفّ 142 من أسفّ منهم إلى ملك العدوة الجنوبيّة مثل الرّوم إلى إفريقية والقوط إلى المغرب أجازوا 143 في الأساطيل وملكوها وتغلّبوا على البربر بها وانتزعوا من أيديهم أمرها وكان لها بها المدن الحافلة مثل قرطاجنّة وسبيطلة وجلولاء ومرناق وشرشال وطنجة وكان صاحب قرطاجنّة من قبلهم يحارب صاحب رومة ويبعث الأساطيل لحربه مشحونة بالعساكر والعدد فكانت هذه عادة لأهل هذا البحر السّاكنين حفافيه معروفة في القديم والحديث ولمّا ملك المسلمون مصر كتب عمر بن الخطّاب إلى عمرو بن العاص رضي الله عنهما «أن صف لي البحر» فكتب إليه: ابواب المنيوم سحاب داخلي المنيوم للحمامات; riyadhglassalu.mystrikingly.com, «إنّ البحر خلق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود» فأوعز حينئذ بمنع المسلمين من ركوبه ولم يركبه أحد من العرب إلّا من افتات على عمر في ركوبه ونال من عقابه كما فعل بعرفجة بن هرثمة الأزديّ سيّد بجيلة لمّا أغزاه عمّان فبلغه غزوة في البحر فأنكر عليه وعنّفه أنّه ركب البحر للغزو ولم يزل الشّأن ذلك حتّى إذا كان لعهد معاوية أذن للمسلمين في ركوبه والجهاد على أعواده والسّبب في ذلك أنّ العرب لبداوتهم لم يكونوا مهرة في ثقافته وركوبه والرّوم والإفرنجة لممارستهم أحواله ومرباهم في التّقلّب على أعواده مرنوا عليه وأحكموا الدّارية بثقافته فلمّا استقرّ الملك للعرب وشمخ سلطانهم وصارت أمم العجم خولا لهم وتحت أيديهم وتقرّب كلّ ذي صنعة إليهم بمبلغ صناعته واستخدموا من النّواتية في حاجاتهم البحريّة أمما وتكرّرت ممارستهم للبحر وثقافته واستحدثوا بصراء بها فشرهوا إلى الجهاد فيه وأنشئوا السّفن فيه والشّواني وشحنوا الأساطيل بالرّجال والسّلاح وأمطوها العساكر والمقاتلة لمن وراء البحر من أمم الكفر واختصّوا بذلك من ممالكهم وثغورهم ما كان أقرب لهذا البحر وعلى حافته مثل الشّام وإفريقية والمغرب والأندلس وأوعز الخليفة عبد الملك إلى حسّان بن النّعمان عامل إفريقية والمغرب والأندلس وأوعز الخليفة عبد الملك إلى حسّان بن النّعمان عامل إفريقية باتّخاذ دار صناعة بتونس لإنشاء الآلات البحريّة حرصا على مراسم الجهاد ومنها كان فتح صقلّيّة أيّام زيادة الله الأوّل ابن إبراهيم بن الأغلب على يد أسد بن الفرات شيخ الفتيا وفتح قوصرّة أيضا في أيّامه بعد أن كان معاوية بن حديج أغزى صقلّيّة أيّام معاوية بن أبي سفيان فلم يفتح الله على يديه وفتحت على يد ابن الأغلب وقائده أسد بن الفرات وكانت من بعد ذلك أساطيل إفريقية والأندلس في دولة العبيديّين والأمويّين تتعاقب إلى بلادهما في سبيل الفتنة فتجوس خلال السّواحل بالإفساد والتّخريب.
وحكى أبو القاسم ابن زنجي أنّه كان عدّة أصحاب أبي طاهر ألف وخمسمائة رجل منهم سبعمائة فارس وثمانمائة راجل وأنّه عرف ذلك من رجل أنباريّ كان يقيم له ولرجاله الخبر. » فقالوا: « معاذ الله أن يقول أحد في الوزير ذلك ولكن العمل أخرج بما اضطر الوزير أيّده الله إلى التسبيب به على مال سنة عشرين وثلاثمائة من الأموال المستحقّة في سنة تسع عشرة وقد رفع الضمناء إلى ديوان الزمام أعمالا لما أطلقوه من مال سنة عشرين وما كانوا ضمنوا إطلاقه من مال هذه التسبيبات عند إدراك الغلّات ولهذا أحضرنا. وأخرج عن مجاهد أن أبا قحافة رد ميراثه من أبي بكر على ولد أبي بكر ولم يعش أبو قحافة بعد أبي بكر إلا ستة أشهر وأياما ومات في المحرم سنته أربع عشرة وهو ابن سبع وتسعين سنة. طول الخطوط الحديدية في سويسرا نحو خمسة آلاف كيلو متراي 13 كيلو متر في كل عشرة آلاف متر مربع وقدر ب 95 مليوناً عدد من يتنقلون كل سنة على خطوطها ولها طريقة جميلة في إعطاء أوراق اشتراك فيدفع الواحد 45 فرنكاً يأخذ بها ورقة في الدرجة الثالثة يركب بها أي قطار أحب مدة خمسة عشر يوماً ويدفع 65 في الدرجة الثانية و90 للدرجة الأولى.
فلمّا وصل القرمطي إليها قاتلوه بالمنجنيقات فقتل من القرامطة جماعة وانصرف أبو طاهر عنها. فلمّا حصل في سواده واجتمع مع أصحابه حارب يلبق ومن معه فلم يثبت له يلبق وانهزم ومن معه وقتل جماعة من أصحابه. أي هي طلبتنى فامتنعت وفررت كما ترى، وقد قال هذه المقالة وهتك سترها خوفا على النفس والعرض، ولا شك أن هذه حال تحتاج إلى بحث وتشاور وأخذ وردّ لم يبينه لنا الكتاب الكريم وإن كان لا بد أن يحصل حتما كما هو مقتضى العادة والعقل، لأن المقصد من القصة بيان نزاهة يوسف وفضائله لتكون عبرة لغيره. والخبيث من الكسب يسقط وهذا تأويل الذي تأوله للدرهم والدينار ليس له إنما هذا شيء كان يتكلم به عبد الأعلى إذا قيل له: لم سمي الكلب قليطاً قال: لأنه قل ولطى! قال الدارقطني: أجمع أهل الكوفة على أنه لم ير من زمن ابن مسعود إلى زمان ابن عقدة أحفظ منه، ويقال: إنه كان يحفظ نحوا من ستمائة ألف حديث، منها ثلاثمائة ألف في فضائل أهل البيت، بما فيها من الصحاح والضعاف، وكانت كتبه ستمائة حمل جمل، وكان ينسب مع هذا كله إلى التشيع والمغالاة. ثم أنفذ إليهم من نادى بقرقيسيا ألّا يظهر بها أحد بالنهار فلم يجسر أحد بها أن يظهر فعبرت سريّة له إلى الأعراب على جسر عقده بالرحبة فأوقع بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وأخذ جمالهم وأغنامهم فرهبه الأعراب رهبة شديدة، وصاروا لا يسمعون بذكره إلّا تطايروا، وجعل عليهم أتاوة إلى هذه الأيام وهي من كلّ بيت دينار في السنة.